عيشها أبيض وأسود.. صيد السمك فى نهر النيل أنت ورزقك
ثقافة أول اثنين:
نهر النيل شريان مصر، وماؤه الذى يمنحها الحياة، وهذا الكلام لا يختلف عليه أحد، فجزء مهم ومعروف من الحضارة المصرية القديمة أنها نشأت على ضفتى النهر، فعندما وصل الإنسان إلى النهر وابتلت قدماه بمائه تغير كل شىء، إذ ودع حياة الصحارى ومطاردة الوحوش واستقر وبنى بيتا وزرع الأرض وأنشأ أسرة فتغيرت الحياة.
ويتدفق النهر بمائه من الجنوب إلى الشمال حاملًا معه حكايات وقصصا لأهل البلاد التي يمر عليها، إنه يقترب من القرى الواقعة على ضفتيه فيسمع ويرى أحوال العباد، ويعرف ما بهم من أفراح وأحزان، يحب الجميع ويحبونه، لكنه وسط كل ذلك هناك من يمكن أن نطلق عليهم أصدقاء النيل، فمن هم هؤلاء الأصدقاء؟
إنهم الصيادون هؤلاء الذين يعتمدون فى رزقهم على ما يمنحه النهر له، اختاروا أن يكون معظم وقتهم مع الماء المتدفق للشمال، أن يتحدثوا للنهر، أن يركبوا قواربهم ويقضوا يومهم وسط الماء، إنهم يشكون إليه أحوالهم، ويحكون له عن أفراحهم وهو يمنحهم الرزق، ويسعد بونسهم.
عرف الفراعنة الصيد فى النهر منذ قديم، ونقشوا ذلك على جدارن معابدهم وصوروه فى بردياتهم، واستمر ذلك فى أحفادهم، يسعون كل صباح للنهر، يغسل الواحد منهم يديه فى الماء، وقد يتوضأ ويصلى ركعتين على ضفة النهر، ثم يدعو الله أن يرزقه، ويسعى فى الرزق، والله لا يخلف وعده له.
يرتبط الصيد فى كل مكان، وفى النيل خاصة، بالصبر، فالصياد ينزل النهر ولا يعلم ما الذي ينتظره، يؤمن بما كتبه الله له، سواء أكان رزقا وفيرا أو قليلا، كل يوم برزقه، هو يتوكل على الله ويعمل بجد وإخلاص، والرزق من عند الله.
يعد الصيد فى نهر النيل علامة بارزة فى نهر النيل، فى أي مكان من جنوب مصر إلى شمالها أينما وجهت عينيك رأيت قاربا يتهادى على صفحة الماء وفيه رجلا يُنزل الشبك فى الماء أو يخرجه منه، وبجانبه رفيقه أو زوجته تعينه على مشقة الحياة.