مقدمة قريبة المسالك إلى مذهب الإمام مالك للشيخ علي العمروسي
مقدمة قريبة المسالك إلى مذهب الإمام مالك
للشيخ علي العمروسي
صدر حديثًا كتاب “مقدمة قريبة المسالك إلى مذهب الإمام مالك“، على مختصر الشيخ خليل بن إسحاق الجندي لما به الفتوى في المذهب المالكي، تأليف: الشيخ العلامة “علي بن خضر العمروسي” (ت 1173 هـ)،اعتنى به وحققه: “عبدالله بن أحمد الماجد“، نشر “دار رواق المالكية“.
وهذا الكتاب للشيخ علي بن خضر العمروسي (ت1173 هـ) شرح على مختصره على “مختصر خليل” الشهير في الفقه المالكي، قال الجبرتي في تاريخه: “اختصر المختصر الخليلي في نحو الربع، ثم شرحه” [1: 219].
ومن عجيب الموافقات في التصنيف الفقهي المالكي أن اختصرَ مختصر الشيخ خليل خمسة من أعلام المذهب، وكلهم شرح مختصره، مع أن خليل لم يشرح مختصره، ومنهم الشيخ “علي بن خضر العمروسي”.
يقول العلامة “علي العمروسي” في مقدمة شرحه: “وبعد، فهذا شرح وضعته على مقدمتي التي لخصتها من مختصر العلامة خليل، قاصدًا بذلك الثواب من الملك الجليل، يحل ألفاظها، ويبين مرادها، ويقيد مطلقها، خاليًا من الإطناب الممل، والإيجاز المخل، يحصل به النفع للمبتدئين، ولا يكون خاليًا عن إفادة الممارسين”.
والمختصر هو آخر مؤلفات الشيخ خليل، مكث في تحريره أزيد من عشرين سنة، وهي فترة زمنية عادة ما تُخصص للمطولات من أمهات الكتب، وبقاء المؤلف مدة مثل هذه، دليل على شدّة حرصه وتوخيه الدقة العلمية في جمع أحكامه وتنظيمها، ولذا جاء مقتضبًا في ألفاظه، دقيقًا في مصطلحاته، جامعًا لمعظم أمّهات مسائل الفقه المالكي.
وقد أثنى العلماء على مختصره الفقهي الذي لخّص فيه جامع الأمهات لابن الحاجب، وأتى فيه بالعجب من حيث الإيجاز، والمقدرة الذهنية على استيعاب المسائل وحصرها في ألفاظ جزلة جمع فيها شتات الفروع الكثيرة المتنوعة، وأوضح فيها المشهور المعمول به مجردًا عن الخلاف، واهتم العلماء بالمختصر شرحًا ونظمًا، إذ كُتب عليه الكثير، وتَعرّض للتعلقة عليه جمعٌ غفير، بحيث بلغت الكتابة عليه عددًا هائلًا تنوّعت بين الإيجاز والإطناب، حتى أنّ الشيخ محمد بن عثمان السوسي التونسي (ت 1900م) ألّف مؤلّفًا خاصًّا ضم فيه مَن كتب على المختصر سماه: (تراجم مختصر خليل)، فأورد نحو سبعين ترجمة، وإن كان عدد الشروح والحواشي يفوق هذا العدد بثلاثة أضعاف أو أكثر.
وصاحب هذا الشرح على مختصره على “مختصر خليل” هو الشيخ العلامة “علي بن خضر بن أحمد العمروسي” من فقهاء المالكية بمصر، وعلماء الأزهر الشريف.
أخذ العلم عن السيد محمد السلموني، والشهاب النفراوي، والشيخ محمد بن عبدالباقي الزرقاني، ودرس بالجامع الأزهر وانتفع به الطلاب، وكان إنسانًا حسنًا منجمعًا عن الناس مقبلًا على شأنه، له “حاشية على إتحاف المريد شرح جوهرة التوحيد”، ورسالة في “فضائل النصف من شعبان“، وشرحه على مختصر خليل، توفي في سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف من القرن الثاني عشر الهجري.
وقد وضع “الشيخ محمد بن سلامة الزرقاني” حاشية على هذا الشرح، ونشرها قديمًا، ويقول في مقدمتها: “إن شرح العلامة المحقق الفقيه المدقق الشيخ علي العمروسي على مقدمته في فقه الإمام مالك من أنفع الكتب وأعذبها وأجمعها للأحكام، وقد وقع عليه الاختيار ليكون منهلًا لطلاب القسم الثانوي بالأزهر والمعاهد الدينية”.
وقد نظم هذا الشرح أيضًا العلامة “عثمان بن سند الفيلكاوي” نظمًا عذبًا سلسًا، واضح المعاني، يقول فيه: