حياته ودوره الاجتماعي والعلمي في المدينة المنورة
عبيدالله بن عبدالله بن عمر العدوي: حياته ودوره الاجتماعي والعلمي في المدينة المنورة
إعداد الباحث: حذيفة حامد
الإشراف العام
الأستاذ: نكتل يوسف محسن
المبحث الأول: حياته ونشأته.
المطلب الأول: اسمُه ونسبُه وكنيتُه ولقبُه.
هو عبيدالله بن عبدالله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبدالعُزَّى بن رياح بن عبدالله بن قراط بن رزاح بن عدي بن كعب القرشي العدوي المدني، وأمُّه هي أم سالم بن عبدالله[1]، ولا شك أن سبب تسميته قد أخذت نصيبًا كبيرًا من عمِّه عبيدالله بن عمر بن الخطاب الذي كان مُرافقًا لوالده وفارسًا شجاعًا ورجلًا كريمًا.
المطلب الثاني: مكانته بين الرُّواة والتابعين:
ذُكِرَت الكثير من الآراء حول عبيد بن عبدالله بن عمر، منها: أنه كان ثقةً قليلَ الحديث [2]، وقد روى عبيدالله بن عبدالله بن عمر عداده في أهل المدينة، روى عن أبيه عبدالله بن عمر في الصلاة والحج والبيوع، وروى عنه الوليد بن الكثير والزُّهْري ومحمد بن إسحاق [3].
كما روى يونس عن الزُّهْري عن عبيدالله عن الصُّمَيْتة؛ وهي امرأة من بني ليث، تُحَدِّثُ أنها سمِعَتْ، فذكره وزاد فيه: قال الزُّهْري: ثم لقيتُ عبيدالله بن عبدالله بن عمر بن الخطاب فسألته عن حديثها فحَدَّثَنِيه عن الصُّمَيْتة. هذه روايةُ ابن وهْبٍ عن يونسَ، وهي موافقةٌ لرواية عقيل، ورواه عتبة عن يونس؛ فأدخل صفيةَ بنتَ أبي عبيد بين عبيدالله والصُّمَيْتة، ورواه ابنُ أبي ذئبٍ عن الزُّهْري فقال: عن عبيدالله عن امرأة يتيمةٍ، عن صفيةَ بنتِ أبي عبيدٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم[4]، إذن هو كما قيل: ثقة وإن كان الزُّهْري يسأله، وهو ثقة عمدة السيرة النبوية، فهو قد وصل مكانةً مُتقدِّمةً من الوثوق.
المطلب الثاني: مكانته بين المؤرخين والتابعين:
ورَدَ الكثيرُ من الآراء حول مكانته الاجتماعية والعلمية ولا غَرْوَ فهو ابن شيخ الإسلام عبدالله بن عمر، ولا بُدَّ أن له من علم أبيه نصيبًا وقد ذكر، عيسى بن حفص، قال: رأيت على عبيدالله بن عبدالله بن عمر ثوبين مُعَصْفرَينِ، يروح فيهما بعد العصر، يشهد فيهما العشاء، وبلغ من وثوقه أنه روى عنه الزُّهْر[5].
وأخرج البخاري في المحصر وغزوة الحديبية عن الزهري ونافع، عنه، عن أبيه عبدالله بن عمر، وأخرج في الصلاة عن الزهري، عنه، عن أبيه، قال أبو زرعة: هو ثقة[6].
المطلب الثالث: وفاته:
توفي عبيدالله بن عبدالله في حياة أخيه سالم، فقد ذكر أنه كان قد شهد عبيدالله بن عبدالله بن عمر، وعلى قبر عبيدالله فسطاط ورش على قبره الماء[7]، وكان رحمه الله يُعِدُّ العُدَّة للموت حتى إنه كتب على باب داره والذي بقي حتى القرن الثالث الهجري قرأه ابن أبي الدنيا قائلًا: قرأت على باب دار عبيدالله بن عبدالله بن عمر بن الخطاب مكتوبًا:
اعمل وأنت من الدُّنيا على حَذَرٍ
واعلم بأنَّكَ بعد الموتِ مبعوث
واعلم بأنَّك ما قدَّمْتَ مِن عمَلٍ
محصى عليكَ وما جمعْتَ موروث [8]
|
مما يعكس استعداده للموت، ويقينه فيه، وحسن عمله رحمه الله.
المبحث الثاني: حياته الأسرية:
المطلب الأول: زوجاته:
على الرغم من حالة الغموض والضبابية التي تلفُّ حياة المشاهير من الصحابة والتابعين وعكوف الشمس عن الشروق على حياتهم الأسرية إلا أن ثمة بعض الخيوط التي توصلنا له، فقد ذُكِر أنه تزوَّج عدَّةَ زوجاتٍ في حياته، وهي من المسائل التي كانت متعارفًا عليها في تلك الفترة؛ حيث إن العرب كانت تُكثِر من الزوجات لطلب الولد، ولأن الأبناء كانوا ذوي أهمية كبيرة في حياتهم بسبب الحروب التي كانت دائرةً بين المسلمين وبين غيرهم من الأقوام، وقد كانت زوجته الأولى هيَ عائشة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، والثانية هي أمُّ عبدالله بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصدِّيق، والثالثة هيَ أمُّ ولد وأنجبت له إسماعيل فقط.[9]
المطلب الثاني: أبناؤه:
وَلَدَ لعبيدالله بن عبدالله عدة أبناء ذكورًا وإناثًا؛ وهم: أبو بكر، وعُمَر، وعبدالله، ومحمدٌ، وأمُّ عمر، وأمُّهم عائشة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، والقاسم بن عبيدالله، وأبو عبيدة، وعثمانُ، وأبو سلمة، وزيدٌ، وعبدُالرحمن، وحمزةُ، وجعفر، وهما توأم، وقريبة، وأسماء؛ وأمُّهم أمُّ عبدالله بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وإسماعيل لأمِّ ولد[10]، ويُلاحَظ أن تسميتهم إمَّا على اسم صحابي أو هو خصص اسمًا من أسمائهم لآل البيت؛ مثل: الحمزة، والقاسم، وجعفر رضي الله عنهم، وهو ما يعكس الترابُط الاجتماعي بين آل عمر وآل النبي صلى الله عليه وسلم.
المبحث الثالث: جهوده العلمية والعسكرية:
المطلب الأول: جهودُه العلمية:
كان عبيدالله من الرُّواة الثقاة في المدينة المنورة، ويكفي من توثيقه أن الزُّهْري والبخاري أخذا عنه، وهي مكانة حديثيَّة كبيرة لحفيد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد روى عن أبيه وأبي هريرة والصُّمَيْتة الليثية، وعنه ابنه القاسم، وابن ابنه خالد بن أبي بكر بن عبيدالله، وعيسى بن حفص بن عاصم بن عمر، وابن أخيه عبيدالله بن عمر بن حفص، والزهري، ومحمد بن جعفر بن الزبير، وأبو الأسود يتيم عروة، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية، ومحمد بن إسحاق وغيرهم، قال الواقدي: كان أسَنَّ من عبدالله بن عبدالله فيما يذكرون[11].
وكان ثقة قليلَ الحديث، وقال أبو زُرْعة والنسائي: ثقة، وذكره ابن حِبان في الثقات، وقال غيره: مات في ولاية عبدالواحد البصري، وكان عزْلُ البصري سنة ستٍّ ومائة، قلت: وقال العجلي: تابعي ثقة. [12]
وأثنى عليه الكثير من العلماء، وروى الحديث النبوي، ومنهم أبو زرعة الرازي، وقال عنه: إنهُ ثقة، وقال أحمد بن شعيب النسائي: إنه ثقة، وقال أحمد بن صالح الجيلي: ثقة، وقال ابن حجر العسقلاني: ثقة، وقال محمد بن سعد كاتب الواقدي: ثقة قليل الحديث.[13]
رحِمَ الله عبيدالله بن عبدالله، وأجزل عطاءه ومثوبته، وجزاه عن الإسلام خيرَ الجزاء.
[1] ابن سعد، أبو عبدالله محمد بن سعد البصري، الطبقات الكبرى، تحقيق: زياد محمد منصور، مكتبة العلوم والحكم (بيروت: 1987)، 7/ 201.
[2] الأصفهاني، أبو بكر أحمد بن علي، رجال صحيح مسلم، تحقيق: محمد حسن محمد حسن إسماعيل- أحمد فريد المزيدي، دار الكتب العلمية، (بيروت: 2006) ، 7/ 14.
[3] ابن حجر، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، تحقيق: عادل أحمد عبدالموجود، (بيروت: 1415ه)، 7/ 265.
[4] ابن سعد، الطبقات ، 5/ 203.
[5] ابن سعد، المصدر نفسه، 5/ 155.
[6] ابن عساكر، علي بن الحسن الدمشقي، تاريخ دمشق، تحقيق: عمرو بن غرامة، دار الفكر للطباعة والنشر، (بيروت :1995)، 9/ 1968.
[7] الأصفهاني، أبو بكر أحمد بن علي، رجال صحيح مسلم، تحقيق: محمد حسن إسماعيل- أحمد فريد المزيدي، دار الكتب العلمية، (بيروت: 2006) ، 7/ 14.
[8] ابن عساكر، تاريخ دمشق، 38/6.
[9] ابن سعد، الطبقات، 5/ 155.
[10] ابن سعد، الطبقات، 5/ 155.
[11] ابن حجر، أحمد بن علي العسقلاني، تهذيب التهذيب، مطبعة دار المعارف النظامية، (بيروت: 1911) 7/ 25.
[12] ابن حجر، المصدر نفسه، 5/ 13.
[13] ابن عساكر، المصدر السابق، 38/6.