إدوارد سعيد ومحمود درويش.. عملاقان بينهما قصيدة عن الهوية وفسلطين
ثقافة أول اثنين:
يعتبر إدوارد سعيد واحدا من المثقفين الذين طرحوا القضية الفلسطينية على نطاق واسع في الغرب ومع أن طروحاته تم فهمها في إطار كلى بمصطلحات مثل الإمبريالية والاستعمار وما بعد الكولونالية والاستشراق فقد كان إدوارد سعيد في النهاية واحدا ممن قادوا العالم إلى فهم جديد للقضية.
قال إدوارد سعيد في ملخصه عن الذات والحقيقة والزمن الى عاشه بين الوطن والمنفى “أنا فلسطيني ولكني طردت منها منذ الطفولة, وأقمت في مصر دون أن أصبح مصرياً، وأنا عربي ولكني لست مسلماً, وأنا مسيحي ولكن بروتستانتى، واسمي الأول “إدوارد” رغم أن كنيتي سعيد .
وهنا كتب محمود درويش قصيدة بعنوان “في طباق إلى إدوارد سعيد” وهو إذ انفعل بقضية صديقه وقضيته فقد انفعل أيضا بالكلمات ولننظر إلى ما قاله ولنمعن النظر:
نيويورك نوفمبر الشارعُ الخامسُ
الشمسُ صَحْنٌ من المعدن المتطاير
قُلْتُ لنفسي الغريبة في الظل:
هل هذه بابل أم سدوم؟
هناك على باب هاوية كهربائيَّةٍ
بعُلوِّ السماء التقيتُ بإدوارد
قبل ثلاثين عاماً
وكان الزمان أَقَلَّ جموحاً من الآن
قال كلانا:
إذا كان ماضيك تجربةً
فاجعلِ الغَدَ معنى ورؤيا!
لنذهبْ
لنذهبْ إلى غدنا واثقين
بصدق الخيال ومعجزة العشبِ
لا أَتذكَّر أنَّا ذهبنا إلى السينما
في المساء ولكنْ سمعْتُ هنوداً
قدامى ينادونني:
لا تَثِقْ بالحصان ولا بالحداثِة
لا لا ضحيَّةَ تسأل جلاّدها:
هل أَنا أَنت؟ لو كان سيفيَ
أكبرَ من وردتي هل ستسأل
إن كُنْتُ أَفعل مثلَكْ؟
سؤالٌ كهذا يثير فُضُولَ الروائيِّ
في مكتبٍ من زجاج يُطلُّ على
زنبق في الحديقة … حيث تكونُ
يَدُ الفرضيّة بيضاءَ مثل ضمير
الروائيّ حين يُصَفِّي الحساب
مع النزعة البشرية: لا غَدَ
في الأمس فلنتقدَّمْ إذاً!
قد يكون التقدُّمُ جسرَ الرجوع
إلى البربريَّة…
نيويورك إدوار يصحو على كسل
الفجر
يعزف لحناً لموتسارت
يركض
في ملعب التنس الجامعيّ
يفكّر في هجرة الطير عبر الحدود وفوق الحواجز
يقرأ نيويورك تايمز يكتب تعليقَهُ
المتوتّر
يلعن مستشرقاً يرشد الجنرال
إلى نقطة الضعف في قلب شرقيّة
يستحمُّ ويختار بدلَتهُ بأناقة دِيكٍ
ويشرب قهوته بالحليب ويصرخ
بالفجر: هيّا ولا تتلكَّأ
على الريح يمشى وفي الريح
يعرف مَنْ هُوَ لا سقف للريح
لا بيت للريح بُوصلةٌ
لشمال الغريب
أنا من هناك..أنا من هنا
ولستُ هناك..ولستُ هنا
لِيَ اسمان يلتقيان ويفترقان…
ولي لُغَتان نسيتُ بأيِّهما
كنتَ أحلَمُ
لي لغة انكليزية للكتابة
طيعة المفردات
ولي لغة من حوار السماء
مع القدس فضيةُ النَبْر
لكنها لا تطيع مخيلتى
والهوية؟ قلت فقال: دفاعٌ عن الذات…
إنّ الهوية بنتُ الولادة لكنها
في النهاية إبداعُ صاحبها لا
وراثة ماضٍ
أنا المتعدِّدَ… في
داخلي خارجي المتجدِّدُ
لكنني أنتمي لسؤال الضحية
لو لم أكن
من هناك لدرَبتُ قلبي على أن
يُرَبي هناك غزال الكناية…
فاحمل بلادك أنى ذهبتَ وكن
نرجسيّاً إذا لزم الأمر