سايكس بيكو.. اتفاقية غيرت شكل المنطقة العربية.. ما الذى حدث؟
ثقافة أول اثنين:
تمر، اليوم، الذكرى الـ107، على التصديق على اتفاقية سايكس بيكو، بين فرنسا والمملكة والإمبراطورية الروسية فى 16 مايو 1916، وهى الاتفاقية التى كانت لها اليد العليا فى تقسيم المنطقة العربية إلى عدة دول، حيث تم اقتسام منطقة الهلال الخصيب (حوض نهرى دجلة والفرات، والجزء الساحلى من بلاد الشام) بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ فى غرب آسيا بعد تهاوى الدولة العثمانية.
والاتفاقية عبارة عن اتفاق وتفاهم سرى وقع بين كل من فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية، على اقتسام منطقة الهلال الخصيب (حوض نهرى دجلة والفرات، والجزء الساحلى من بلاد الشام) بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ فى غرب آسيا بعد تهاوى الدولة العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، فى الحرب العالمية الأولى.
وحصلت فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربى من الهلال الخصيب (سوريا ولبنان) بجانب منطقة الموصل فى العراق، أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبى متوسعا بالاتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربى والمنطقة الفرنسية فى سوريا، وتقرر أن تقع فلسطين تحت إدارة دولية يتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا، لكن الاتفاق نص على منح بريطانيا ميناءى حيفا وعكا على أن يكون لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفا، ومنحت فرنسا لبريطانيا بالمقابل استخدام ميناء الإسكندرونة الذى كان سيقع فى حوزتها.
وفى وقت لاحق، وبعد صدور وعد وزير الخارجية البريطانى الأسبق أثر بلفور، تم تخفيف الاتفاق لكن بنفس بنود الاتفاقية، وهذا بعدما أقر مجلس عصبة الأمم وثائق الانتداب على المناطق المعنية باتفاقية جديدة عرفت باسم لوزان، وتم بموجب معاهدة لوزان التنازل عن الأقاليم السورية الشمالية لتركيا الأتاتوركية، إضافة إلى بعض المناطق التى كانت قد أعطيت لليونان فى معاهدة لندن السابقة.
ووفقا لكتاب ” “الصراع العربى الإسرائيلى.. مائة سؤال وجواب” تأليف بيدرو برييجر، الذى صدر باللغة الإسبانية، لقد تمخضت الحرب العالمية الأولى عن انهيار الإمبراطورية العثمانية وسيطرة الفرنسيين والإنجليز على الشرق الأوسط، وأبرمت كل من فرنسا وبريطانيا اتفاقية سرية فى سنة 1916 عرفت باسم “سايكس – بيكو” أفضت إلى تقاسم القوتين الاستعماريتين للمنطقة، وتركز هدفهما على احتلال مناطق جغرافية استراتيجية ومرافئ هامة للتجارة العالمية بعد أن ثبت أنها تحتوى على ثروة نفطية لا تنضب.
وقد احتل الإنجليز خلال فترة الحرب العالمية الأولى فلسطين عام1917، ويعود اسم فلسطين إلى حقبة الإمبراطورية الرومانية.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى رسمت القوى الاستعمارية المنتصرة حدودا مجحفة أسفرت عن قيام الدول المعروفة فى الوقت الراهن، وقام البريطانيون بضم مناطق ثلاث مدن “الموصل وبغداد والبصرة” واصطلحوا على تسميتها بالعراق.
وبحسب كتاب “جغرافية الوطن العربى” للدكتور نعيم الظاهر، فإن الفترة فى بدايات القرن الماضى، وقبل انطلاق الحرب العالمية الأولى بنحو عقد كامل، وفى وقت تعانى الدولة العثمانية التى تسطير على أغلب مناطق الشرق من ضعف، عقدت فرنسا وإنجلترا اتفاقا وديا، تركت بمقتضاه فرنسا لبريطانيا مصر والسودان، ومقابل سيطرة فرنسا على بلاد المغرب العربى، ورغم المنافسة الخفية البريطانية الفرنسية إلا أنه لم يكن فى وسع فرنسا خاصة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى أن تحصل على أكثر من سورية ولبنان كأجزاء من أسلاب الإمبرطورة العثمانية، مقابل حصول بريطانيا على المراكز الحساسة من قناة السويس إلى الخليج العربى مرورا بفلسطين والأردن والعراق محاصرة بذلك مكان فرنسا الجديد فى الشرق الأوسط، كما احتلت المعابر البحرية للمشرق العربى والمطلة على المحيط الهندى مبكرا منذ سنة 1799، حينما احتلت جزيرة بريم فى مضيق باب المندب لتطويق التهديد الفرنسى فى حملة نابليون على مصر سنة 1798.
ويوضح الكتاب سالف الذكر أن الاتفاق السابق والمعاهدات التى تمت بعده، لعبت دورا خطيرا فى تقسيم الوطن العربى إلى دول ذات حدود مستحدثة لم يكن لها وجود من قبل، وترتبت عن ذلك نتائج سلبية أبرزها تفتيت جهود الدول العربية فى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، غير أن تمخض عنه النفوذ البريطانى فى المشرق العربى هو زرع جسم غريب داخله يعمل بدوره على تبديد جهود الوطن العربى كله سياسيا واقتصاديا وتجلى ذلك فى السماح بإنشاء وطن يهودى فى فلسطين بعد وعد بلفور، وقام دولة إسرائيل عام 1948.