نهلة إمام تستعرض آفاق وتحديات تسجيل العناصر العربية على قوائم اليونسكو
ثقافة أول اثنين:
في مستهل المحاضرة التي أدارتها عائشة الحصان الشامسي، مدير مركز التراث العربي بالمعهد، وحضرها جمع من كبار المسؤولين والمهتمين بشؤون التراث الثقافي العالمي وموظفي المعهد، وجهت الدكتورة نهلة إمام تهنئتها الخالصة إلى رئيس وأسرة معهد الشارقة للتراث بمناسبة حصول الدكتور عبدالعزيز المسلم على جائزة رجل التراث العربي لعام 2023، واعتبرت ذلك تقديرًا مستحقًا لجهوده ودور المعهد في المحافظة على التراث الإماراتي ودعم التراث العربي والعالمي وصون الهوية والموروث الثقافي وربط المجتمع بعاداته وتقاليده الأصيلة من خلال العديد من المبادرات والإنجازات النوعية التي تحققت على أرض الواقع، ومن أبرزها أيام الشارقة التراثية التي تواصل مسيرتها المميزة بنجاح وإبداع في دورتها العشرين، منذ أن رأت النور لأول مرة عام 2003 وبالتزامن مع عام اعتماد اليونسكو لاتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، وهو ما يؤكد بأن الشارقة ستبقى علامة فارقة ونموذجًا فريدًا في هذا المشروع الحضاري العالمي الذين يُعنى بالتراث وحمايته وصونه.
وأكدت نهلة إمام على أهمية قيام الدول العربية أولاً بتسجيل عناصرها الثقافية غير المادية على قوائمها الوطنية والاهتمام بدعم وتمكين وإثراء هذه القوائم، والحصول على الموافقات المطلوبة من أفراد المجتمع المعنيين بالعنصر والهيئات والمؤسسات المعنية، ثم الانتقال تاليًا إلى إعداد وتقديم الملفات الخاصة بتسجيل هذه العناصر على قوائم اليونسكو، كما دعت إلى البدء في تسجيل جمعيات المجتمع المدني في الدول العربية على قوائم اليونسكو.
وأشادت نهلة إمام بمستوى الدعم والاهتمام الحكومي والمجتمعي الذي حظيت به الملفات العربية المقدمة للتسجيل على قوائم اليونسكو بما فيها الملفات المشتركة ما بين الدول العربية أو الملفات المستقلة من خلال حشد الأصوات الداعمة لها من باقي الدول.
وأثارت مستشار وزيرة الثقافة عدة إشكاليات في تسجيل العناصر الثقافية ومنها حالة تسجيل عنصرين ثقافيين مختلفين يحملان نفس الاسم، أو تسجيل نفس العنصر لدولتين وباسمين مختلفين، موضحة بأن التجربة والممارسة تساعدان بمرور الوقت على معالجة مثل هذه الإشكاليات والاتفاق بشأنها، مضيفة بأن أهم المعايير التي تدعم فرص دخول العنصر الثقافي للتسجيل تتمثل في خصائص الانتشار والتوارث والانتقال الشفاهي، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة عدم ربط قيمة العنصر الثقافي في هذه الملفات بالأهداف السياحية للدول، كون اليونسكو تعتبر السياحة وتسليع الموروث الثقافي عوامل مهددة لبقاء واستدامة هذه العناصر.
وذكرت نهلة إمام أن لجنة التقييم الدولية باليونسكو عن مجموعة الدول العربية نجحت في تطوير استمارة جديدة لتسجيل العناصر الثقافية في المنظمة من خلال تحديث المعيار الثاني الذي يخص التنمية المستدامة المرتبطة بجوانب المحافظة على البيئة وحفظ حقوق الإنسان وتحقيق التوازن والمساواة بين الجنسين، منوهة بأن المنظمة بدأت في تقدير وإدراك الجوانب الروحية التي يحملها الوعي الجمعي لدى الشعوب، وخروج من إطار الماديات وقيود الحقائق العلمية في التعامل مع هذه الجوانب، وقد لاحظ الجميع عودة المجتمع وأفراده إلى تراثهم وعاداتهم في محاولة منهم لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية التي شهدها وما زال يشهدها العالم.
واستعرضت على سبيل المثال، تجربة إعداد ملف الاحتفالات الشعبية المرتبطة برحلة العائلة المقدسة في مصر، والتي أدرجتها اليونسكو على قائمتها للتراث الثقافي غير المادي، لافتة إلى المكون التراثي الأصيل لهذه الاحتفالات بما فيه من الخيال الثري والتنوع المكاني والإبداع الشعبي الذي يتميز بارتباطه بالفطرة الإنسانية، وهو ما جعل حضارات وشعوب أخرى تمارس توثيق هذه الرحلة وبما يتوافق مع قيمها ومعتقداتها مثل اليابان وأفريقيا وغيرهما.
تخللت المحاضرة مداخلات ونقاشات مختلفة بين الحضور والدكتورة نهلة إمام، حول بعض العناصر التراثية القديمة مثل طاسة الخضة المصرية، وفلج الداوودي.